الخميس، أكتوبر 05، 2006

كلام في قلبي 3

برغم كل شيء

لم أشعر بنفسي إلا و أنا أسير على الكورنيش أحمل حقيبة يدي و الجريدة و بداخلي تجري مئات الأفكار و المواقف و الإنفعالات حتى إختنقت و تخبطت في جدران عقلي و ضلوع صدري ... جلست على أحد المقاعد لا أرى أمامي سوى البحر و الأفق و صخور غطتها الطحالب الخضراء تلمسها الأمواج في وهن ملحوظ تربت عليها و تعود أدراجها ثانية للبحر ... وضعت حقيبتي بجانبي و فردت أفكاري على سطح مياه البحر حتى ظننت أنه لن يكفيها و غرقت مع نفسي في حالة مراجعة للنفس ، ألقي للبحر بالفكرة فيقلبها و يعيدها إليَ براقة نظيفة ... و طال حواري مع البحر و تجاذبنا أطراف الحديث مراراً و تكراراً ... و وجدت نفسي أنظر إلى نفسي من الخارج و كأنني شخص آخر ... أرى الأمور من بعيد و أعيد حساباتي و حكمي على الأمور و البشر بصدق و حيادية و كأنني لا أعرفني ... و إستعاد عقلي مشاهد من حياتي و مواقف كنت قد عشتها و عايشتها مع آخرين حولي و لحظات أزمات مررت بها مثلما يمر الجميع بأزمات قد تختلف في مضمونها و أسبابها قد تكون على مستوى عام أو خاص و لكنها في النهاية تكون حمل على أصحابها ... و قررت مواجهة أحمالي و حسم أموري حتى أستطيع أن أستمر فيما كنت قد أهملته من بشر و تجارب و فرص في حياة أفضل و إصلاح ما قد إنكسر بداخل نفسٍ تستحق أن تهون لأجلها أشياء لا طائل منها حتى تعيش و ترى النور ... عدت إلى منزلي و أنا أهدأ حالاً من الصباح و في اليوم التالي أكملت دراسة أفكاري بشكل أكثر هدوءاً و دار حوار بيني و بين إحدى صديقاتي كانت تحدثني عن حالها و مشاكلها و صدمتها في أشخاص كانت تكن لهم إحترام و حب عميق و ظهرت عوراتهم و نفوسهم المريضة عندما واجهتهم بتصرفاتهم المتدنية ... لم تكن صدمتها في الأشخاص فهم لا يمثلون لها شيئاً و لكن الصدمة كانت في إكتشافها أن الدنيا بها نماذج لا تستحق سوى الشفقة على مرض عقولها و نفوسها ، نماذج من البشر تتصور أنها دائماً ضحية و أن هناك مؤامرة حولها بل و أيضا أصبح ذلك النمط هو المعتاد و الشائع و أصبحنا نحن الغرباء .... جلست أواسيها و أشد أزرها و أنا في نفس الوقت أواسي كل من له قلب طاهر نظيف و روح شفافة لا تعرف الخبث و لا الخداع مثلي و مثلها و مثل العديد من الشباب الذين صادفتهم و وجدت لديهم نفس الشعور على الرغم من إختلاف بيئاتنا و أعمارنا و مستوياتنا و برغم ذلك هم قلة لا تجدهم كثيرا ، فنحن في لحظات الأزمات نصاب بحالة من العمى و الغشاوة لا نرى فيها سوى رغباتنا و لمعان و بريق الأشياء البعيدة و بعد طول مشوار و جهد نكتشف عندما نصل لها أنها معادن رخيصة " فالصو " لا تستحق أن تلمسها أيادينا لأنها أطهر من أن تلمسها .. و ننسى في رحلتنا تلك ناس وقفوا بجانبنا و قد لا نراهم و قد نظن أنهم متحاملون ضدنا أو لا يشعرون بما داخلنا بينما هم أقرب إلينا من أنفسنا و نظلمهم و يتحملون ظلمنا لهم بحب و روح رحبة كرحابة البحر و عمقه ... و فجأة كمن فتحت أمامه طاقة نور و هو في عز الظلام تفتحت أمامي أشياء لم أكن لأراها قبل هذا الحديث كانت غائبة عني ... وجدت نفسي أشعر براحة و بصلابة و قوة لم أشعر بها من قبل و كأنني أقف على قدمي شامخة كبرج عالي يصلب نفسه ، قوي لا يهزه شيء ، أقيم عودي بكبرياء و شموخ فأجد أشياء كثيرة تخيلتها كبيرة تتضآءل لتصبح أتفه من أن تذكر و حاولت جاهدة أن أنقل نفس الإحساس و الحماس لصديقتي التي شعرت بالمسؤلية تجاهها ... لملمت آلآمي و أفكاري و غضبي أمامي و جعلت منهم درجة سلم تزيدني علواً و شموخاً و قوة ... لم ألقي بها خلفي حتى لا أنسى الدرس أو تقل عزيمتي و حتى لا ينهار سلم خبراتي و أقع ثانية لأبدا من جديد كالتلميذ الغبي الذي لا يتعلم الدرس .. و قررت أن أمضي للأمام و تذكرت أمي و كلماتها و لوعة قلبها حين ترى أفكاري الحزينة في رفة عيني و طرف رمشي و إصرارها على أن تحمل عني ما قد يؤذي مشاعري لو من على بعد أميال شأنها شأن كل الأمهات... شعرت بالذنب لأنني لم أستجب لها من البداية و لكن سعدت كثيرا بأنني تعلمت و صرت أقوى و أصلب ... كل ما فكرت فيه هو أمي و قسوتي عليها و تمنيت أن أصنع من ذرات التراب التي تدوسها قدمها تاجاً و أضعه بكل فخر على رأسي و رنت في أذني كلمة أبي المعتادة كلما كنا نصر على العناد و الإستمرار فيما نفعله دون النظر للعواقب و ذلك طبعا لأننا قليلوا الخبرة و هم بعيدون عن حماسنا و طموحاتنا و زخم مشاعرنا " اللي ما يعلمهوش أبوه و أمه ، تعلمه الأيام و الليالي " و لا أعرف لماذا حضر إلى ذهني عرض كنت قد حضرته منذ عامين تقريبا بمعهد الجيزويت في إحدى أمسيات الجراج و كان العرض لكريمة منصور إحدى رائدات الرقص التعبيري و هو رقص تمثيلي يعبر فيه الجسد بدون حوار منطوق و لكن حركات الجسد و تعبيرات الوجه و الموسيقى و الخطوات التمثيلية هي البطلة .. و في ذلك العرض قدمت رقصة تسمى" برغم كل شيء" بدأتها بمعاناة المخاض و الولادة ثم معاناة قدومها للحياة مرورا بتعلمها الإمساك بالأشياء و المشي و الوقوف وتعثرها و فشلها المتكرر و عنادها و دفعها لنفسها في كل مرة حتى تنجح و تكرار المحاولة حتى تصل لما تريد و هكذا في كل مراحل الحياة حتى وصلت لمرحلة النضج و ارتدت معطف خبراتها و تدثرت به ممسكة بوردة حمراء بيدها و من خلفها تصدح أم كلثوم بأغنية أمل حياتي... و في نهاية الحوار شكرتني صديقتي و طلبت مني أن أتمنى لها التوفيق فتمنيته لها و أنا أشكرها في سري على مساعدتها غير المقصودة لي تركتها و مضيت في طريقي و لم أملك سوى أن أبتسم و أقذف قبلة شكر و إمتنان للبحر مداعبة أمواجه الحانية و أهدي أمي باقة ورد متواضعة مصحوبة ببضع كلمات صادقة هي أقل مما تستحقه و عليها تتكيء حياتي ...و لنا كلام آخر أيضا من قلبي لقلوبكم قبل عقولكم
مع حبــي،،،،،
هــنــــــــــــــــــــــد ،،

هناك تعليق واحد:

غير معرف يقول...

هاى ممكن طلب انا دايخ على اغنية فيلسوفة دى من زمان كانت عندى من اكتر من 5سنين بجد لو عندك انا نفسى فيها ده ايميلى ياريت ياريت تكلمنى تقولى جبتها منين او لو عندك تبعتهالى بليز بليز thescorpion70@hotmail.com
and thescorpion70@yahoo.com